القائمة الرئيسية

الصفحات





سلوكيات خاطئة في رمضان 




 اعتاد كثير من الناس -للأسف- على سلوكيات خاطئة يمارسونها سنوياً في شهر رمضان، حتى صارت عادة لهم، لا ينفكون عنها، وهي من العادات السيئة التي ينبغي للمسلم التخلص منها، ومن تلك السلوكيات الخاطئة: السهر: إن وقت المسلم وقت ثمين جدًّا، سواء في شهر رمضان أو غيره، ولا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضيه في اللهو والسهر الفارغ الطويل، وفي السهر بالليل تضيع الفرائض بالنهار، أو تتأخر عن وقتها، أو يقل فيها الخشوع، ويفوّت المسلم على نفسه وقت البكور وما فيه من خير، وتضيع لذة الصيام، والشعور بالحكمة من مشروعيته من مجاهدة النفس، والشعور بالجوع، وتذكّر الفقراء والمحتاجين، وتذكر نعمة الله عليه بالطعام والشراب التي يتمتع بها طيلة العام، ثم تحجب عنه في هذه الأيام القليلة. قال ابن مفلح: "واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فكم يضيع الآدمي من ساعات، يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، وكأنه قد قيل للإنسان: كلما بذرت حبةً أخرجنا لك ألفاً، هل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر أو يتوانى؟" (1)، وقال علي محفوظ: "ومن سيء العادات إضاعة الناس الأوقات الفاضلة، واشتغالهم بالبطالة، كما يكون منهم في ليالي شهر رمضان، فإنهم يلهون فيها بالسهر، وكله غيبة أو نميمة، وقد كان السلف رضوان الله عليهم إذا دخل عليهم ذلك الشهر تناكر بعضهم من بعض، حتى إذا فرغوا اجتمعوا، وأقبل بعضهم على بعض" (2). قال ابن عثيمين: "فالرجل الحازم هو الذي يتمشى في رمضان على ما ينبغي من النوم في أول الليل، والقيام في التراويح، والقيام آخر الليل إذا تيسر.." (3)، فمن ابتلي بالسهر عليه أن يعمل جاهداً للتخلص من هذه العادة، وذلك بطلب العون من الله تعالى، ومحاولة تعويد النفس على النوم مبكراً، فإن النفس إذا عوّدت اعتادت، النفس كالطفل إن تهمله شب على حبِّ الرضاع، وإن تفطمه ينفطم. كثرة النوم: الوقت في رمضان رأس مال المسلم، ومضمار سباقه، وكنزه الثمين الذي ينبغي ألا يضيعَ منه، كما لا ينبغي أن يفوته فيما لا ينفعه، ولا يعود عليه بفائدة، ككثرة النوم في نهار رمضان، ففي النوم في النهار تضيع للفرائض المكتوبة، أو تأخريها عن وقتها، وفوات كثير من الطاعات والأوقات الفاضلة، فتضيع معها لذة الصيام، واستشعار حكمة مشروعيته، فيقضي المرء يومه دون أن يعيش حقيقة الصيام، ولا يدخل أثره إلى قلبه. فيجب على المسلم أن يقضي نهار رمضان في قراءة القرآن، والتسبيح، وكثرة الذكر، والاستغفار، ومطالعة ما يفيده من الكتب النافعة، والعلوم المفيدة. إضاعة الجماعة: من السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها بعض الصائمين في شهر رمضان إضاعة الجماعة لعذر الكسل أو النوم، أو الاشتغال بما لا يجدي نفعاً، وليعلم مضيع الجماعات أنه بذلك يضيع عليه الصلاة في أفضل بقاع الأرض وهي المساجد، وأن عظم الأجر مع كثرة الخُطا إلى المساجد، وأن الملائكة تدعو له وهو ما زال في انتظار الصلاة، ويصلون على الصف الأول في الجماعة، وأن الشياطين لا تستحوذ عليه، وأن من خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله إن عاش رزق وكفي، وإن مات دخل الجنة، فأين كل هذا من مضيع صلاة الجماعة؟ كثرة الأكل: قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31]، وقال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26- 27]. أصبح رمضان في أذهان كثير من الناس مقترناً بكثرة الأكل، وإنما افترضه الله على المسلمين ليضيقوا على الشهوة مساربها، ويضيعوا على النفس الأمارة مآربها. قال أبو حامد الغزالي: "لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلال، وكيف يستفاد من الصوم قهر عدو الله، وكسر الشهوة، إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره؟! وربما يزيد عليه في ألوان الطعام، حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان، فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر" (4). قال ابن عثيمين عن ظاهرة التهافت على الأطعمة في رمضان: "أرى أن هذا في الحقيقة يتضمن إضاعة الوقت، وإضاعة المال، إذا كان الناس ليس لهم هم إلا تنويع الطعام، والنوم في النهار، والسهر على أمور لا تنفعهم في الليل، فإن هذا لا شك إضاعة فرصة ثمينة، ربما لا تعود إلى الإنسان في حياته، فالرجل الحازم هو الذي يتمشى في رمضان على ما ينبغي من النوم في أول الليل، والقيام في التراويح، والقيام آخر الليل إذا تيسر، وكذلك لا يسرف في المآكل والمشارب.." (5). الانشغال في إعداد الأطعمة: إن الانشغال في إعداد أنواع الأطعمة المختلفة مما يضيع الوقت في شهر رمضان المبارك، فرمضان ليس شهر أكل وشرب، وانغماس في إعداد الأطعمة، وإنما هو شهر عبادة وطاعة، وقرب من الله تعالى، فعلينا تفريغ أكبر قدر من الوقت للعبادة، وقراءة القرآن، وذكر الله عز وجل، والدعاء وغير ذلك، وهذا يخالف سر الصيام، وهو التخفف من المطعومات، لكن بعض الناس يحسب الفطور والغداء والعشاء، ثم يقضيه مرة واحدة، فيهيئ حتى تصبح بعض البيوت كأن فيها حرائق، يبدءون بعد صلاة الظهر، هذا للإفطار، وبعضهم يبدأ من وقت الضحى؛ ليكون كمن أهدى بدنة في الساعة الأولى، فتجد البيت في حالة استنفار وطوارئ، ثم تُعرض الموائد، وهذا فيه ما فيه من: إشغال النفس عن مطلوبها وهو الله عز وجل، والتبذير والإسراف، وإرهاق أهل البيت، حيث يقضون معظم وقتهم في الطبخ بعيداً عن قراءة القرآن، والتسبيح، والاستغفار. وليعلم الجميع بأنَّ كلنا راعٍ، وكلنا مسؤول عن رعيته؛ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راعٍ، ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها..» (6). 

تعليقات

التنقل السريع